• شؤون اجتماعية
    سبتمبر 02، 2025

    العيش وسط اللامساواة: لمحة عامّة حول حقوق مجتمع الميم عين في لبنان

    • زينة سامي الحلو
    العيش وسط اللامساواة: لمحة عامّة حول حقوق مجتمع الميم عين في لبنان

    في إطار جهود المناصرة التي يبذلها المركز اللبناني للدراسات في سبيل تحقيق تعافٍ مستدام، محوره الإنسان، من انفجار مرفأ بيروت، وتماشيًا مع مساعيه الرامية إلى تعزيز العدالة الاجتماعية المُنصِفة والشاملة للجميع، وبناء الثقة بين الأفراد والكيانات والحكومة اللبنانية، أقام المركز شراكة مع منظّمة الشفافية الدولية وفرعها الوطني، أي منظمة الشفافية الدولية لبنان- لا فساد، لإصدار "مرصد الإصلاح". ترتبط المواضيع التي يغطيها المرصد بمجالات الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار. ويندرج المرصد في إطار مشروع بناء النزاهة والمساءلة الوطنية في لبنان ("بناء") المموّل من الاتحاد الأوروبي. الآراء الواردة فيه لا تعكس بالضرورة وجهة نظر الجهة المانحة. 



    ما هي المسألة المطروحة؟

    يُعتبَر لبنان بالإجمال بلدًا منفتحًا نسبيًا في الشرق الأوسط، غير أنَّ واقع حقوق مجتمع الميم عين فيه يظلّ معقّدًا. وعلى الرغم من صدور بعض الأحكام القضائية التي تُؤكِّد الحقوق في قضايا محدّدة، وجهود المناصرة الناشطة التي يبذلها المجتمع المدني، لا تزال البيئة القانونية والاجتماعية تطرح تحدّيات عدّة. وقد أثّرت الأزمة الاقتصادية والمالية التي بدأت عام 2019 بشدّة على مجتمع الميم عين الذي لطالما واجهَ عقبات قانونية وتمييزًا اجتماعيًا ووصمةً مجتمعية، ممّا أعاقَ حصول أفراده على احتياجاتهم وحقوقهم الأساسية.

     

    في عام 2021، أبلغت منظّمة "حلم" اللبنانية غير الحكومية، وهي أوّل منظّمة لحقوق مجتمع الميم عين في العالم العربي، عن أكثر من 4000 انتهاك ضدّ هذا المجتمع، ما يُشكِّل زيادة ملحوظة مقارنةً بالعام 2020. وغالبًا ما ترتبط هذه الانتهاكات بالسكن والتوظيف والخدمات الصحّية. وقد أثّرت الأزمة الاقتصادية المستمرّة بشكل كبير على الأفراد "الكويريين" الذين أبلغوا عن حوادث تنطوي على عنفٍ وإهمال، ومنها ما هو صادر عن الجهات الحكومية.

     

    لطالما ركّزت الأبحاث الاجتماعية-الاقتصادية في لبنان على الأسرة النواة المُنتظِمة جنسيًا، باعتبارها الوحدة الاقتصادية النموذجية. وهذا النهج يتجاهل الواقع المعيشي لأفراد مجتمع الميم عين- الذين يُعانون من صعوبات خاصّة على صعيد الدخل، وانعدام الأمن السكني، واحتياجات الرعاية الصحّية – لا بل أنَّ الاستطلاعات الوطنية ومعايير الاستفادة من برامج المساعدات نادرًا ما ترصد أو تُعالِج التحدّيات التي تُواجهها هذه الفئات (شعيتو، 2022). ويُساهِم غياب البيانات المُصنَّفة بحسب التوجُّه الجنسي والهوية الجندرية في استمرار حالة التهميش، وبالتالي لا يستطيع صانعو السياسات ومقدّمو الخدمات تصميم تدخّلات شاملة مناسبة.

     

    أثَّرَ انفجار مرفأ بيروت عام 2020 بشكل كبير على أفراد مجتمع الميم عين الساكنين بالقرب من المرفأ، ممّا أجبرَ الكثيرين منهم على الانتقال إلى أماكن أخرى حيث واجهوا حالات من التمييز خارج المدينة. وكشفَ تقريرٌ أعدّته منظّمة "أوكسفام" في عام 2021 أنَّ 58% من أفراد مجتمع الميم عين الذين شملهم الاستطلاع تضرّرت منازلهم جرّاء الانفجار، واضطرَّ 35% منهم إلى الانتقال إلى أماكن أخرى، بينما لم يكن 66% منهم يحصلون على أيّ دخل مادّي. (بيرجيكيان، 2022)

     

    وكشفَ بحثٌ أجرته المؤلِّفة خلال الحرب الإسرائيلية على لبنان عام 2024 عن الصعوبات التي يواجهها أفراد مجتمع الميم عين، ولا سيّما انعدام الأمن السكني الشديد والتمييز الذي يتعرّضون له، كما أظهرَ البحث أنَّهم يعتمدون بشكل شبه كامل على المنظّمات غير الحكومية للحصول على المأوى الطارئ والمساعدة النقدية والدعم الأساسي في غياب المساعدات الكافية من الحكومة أو الأمم المتّحدة.

     

    في السنوات الأخيرة، تزايدت حدّة الخطاب المُعادي لمجتمع الميم عين في أوساط الزعماء الدينيين، والسياسيين، والإعلاميين. وشملَ ذلك بعض الاعتداءات ضدّ أفراد مجتمع الميم عين وداعميه ومؤسّساته، غالبًا ما تُبرَّر بنصوص قانونية ومواقف مجتمعية مُحافِظة.

     

    التحدّيات على مستوى القوانين والسياسات

    تتمثّل أبرز العوائق القانونية التي تُواجِه أفراد مجتمع الميم عين في لبنان في المادّتَيْن 521 و534 من قانون العقوبات لعام 1943. تُجرِّم المادّة 521 التعبير عن الهوية الجنسية، وتُعاقِب الرجل الذي يتنكّر بزيّ امرأة بالسجن لمدّة تَصِل إلى ستّ سنوات، مع أنَّها نادرًا ما تُطبَّق. وغالبًا ما تُستخدَم المادّة 534 لاستهداف العلاقات المثلية، حيث تُجرِّم " كلّ مُجامَعة على خلاف الطبيعة"، ويُعاقَب عليها بالسجن لمدّة تَصِل إلى عام واحد. يُعزِّز هذان النصّان القانونيان مسألة التمييز المجتمعي ضدّ المتحوّلين جنسيًا والأفراد ذوي الهويات الجندرية المغايرة. (مؤسّسة الكرامة الإنسانية، 2023)

     

    بين العامَيْن 2008 و2018، صدرت أربعة قرارات منفصلة تقضي بإبطال التعقّبات بحقّ أفراد ادُّعِيَ عليهم بالاستناد إلى المادّة 534. واعتبرت هذه القرارات أنَّ عبارة "مُجامَعة على خلاف الطبيعة" الواردة فيها لا تنطبق على العلاقات المثلية. يهدف هذا التفسير القانوني إلى توضيح نطاق القانون وتعزيز تطبيقه على نحو أكثر إنصافًا للفئات المهمّشة، بما يُمثِّل خطوة مهمّة نحو الطعن في المادّة 534 وإمكانية إلغائها. (كرامة، 2016؛ مؤسّسة الكرامة الإنسانية، 2023)

     

    صدرَ قرارٌ آخر في عام 2014 للإقرار بحقّ الأفراد الذين يُعانون من تشوّهات خُلُقية ووظيفية في أعضائهم التناسلية والسماح لهم باختيار هويتهم الجنسية وممارسة العلاقات الجنسية وفقًا "للطبيعة". أسقطَ هذا الحُكم التُّهَم المُوجَّهة إلى امرأة متحوّلة جنسيًا خضعت لعملية جراحية من أجل تعديل مظهرها الجسدي بما يتماشى مع هويتها الجندرية. (مؤسّسة مهارات، 2014)

     

    وعلى الرغم من القرارات الصادرة ضدّ استخدام المادّة 534 للادّعاء على أفراد مجتمع الميم عين، لا يزال تطبيقها غير متّسق. فلا تزال الشرطة تُلقي القبض على الأفراد كما تُجرى فحوصات جسدية مُتطفِّلة، ممّا يعكس استمرار استخدام القانون ضدّهم.

     

    في العام 2012، دعا وزير العدل شكيب قرطباوي إلى وضعِ حدٍّ للفحوصات الشرجية العشوائية، عقب اعتقال 36 شخصًا وإخضاعهم للفحص القسري في مداهمة لإحدى صالات السينما في برج حمّود. وقد أساءت مذكّرة صادرة عن النيابة العامّة التمييزية تفسيرَ المادّة 343 من قانون العقوبات، ممّا أجازَ هذه الممارسة في ظلّ ظروف محدّدة. وصدرَ تعميمٌ يفرض الحصول على الموافقة قبل تنفيذ هذه الفحوصات، غير أنَّه يُقال إنَّ الرفض استُخدِمَ كدليل لإثبات المثلية الجنسية.

     

    ورغم الحظر الذي فرضته نقابة الأطبّاء، استمرَّ بعض الأطبّاء الشرعيين في إجرائها بموجب أوامر قضائية. وفي عام 2014، أُجبِرَ خمسة رجال على الخضوع لها بعد اعتقالهم في بيروت (مامبا أونلاين، 2014). بالإضافة إلى هذا الإجراء، يُجبَر الأفراد أيضًا على الخضوع لاختبارات فيروس السيدا والمخدّرات، بالإضافة إلى استجوابات مُتطفِّلة حول ميولهم الجنسية (مؤسّسة مهارات، 2014).

     

    ولهذه الفحوصات الشرجية التي يُجريها أطبّاء شرعيون بناءً على إشارة النيابة العامّة آثارٌ نفسية طويلة الأمد على الضحايا الذين يُشبِّهونها غالبًا بالاغتصاب. ورغم عدم صوابيّتها علميًا واعتبارها انتهاكًا لحقوق الإنسان، استمرّت هذه الفحوصات تحت إشراف الشرطة حتّى عام 2016، وفقًا لتقرير نشرته منظّمة هيومن رايتس ووتش. وفي حين لم يتمّ الإبلاغ مؤخّرًا عن أيّ حالات من هذا القَبيل، لا تزال هناك مخاوف من عدم القضاء التامّ على هذه الممارسات.

     

    في عام 2018، أعلنَ ائتلافٌ من الجماعات السياسية الناشئة مع مرشّحي حزب الكتائب للانتخابات التشريعية عن خطط لإلغاء تجريم العلاقات المثلية كجزء من حملتهم الانتخابية. ولكنْ، في تشرين الأوّل/أكتوبر، صوَّتَ وفدٌ لبناني ضدّ مشروع قانون دولي لتحقيق المساواة لأفراد الميم عين. وكانَ هذا الأخير عبارة عن مشروع  قرار في الدورة 139 للجمعية العامّة للاتّحاد البرلماني الدولي حول دور البرلمانات في إنهاء التمييز على أساس التوجُّه الجنسي والهوية الجندرية وضمان احترام حقوق أفراد مجتمع الميم عين.

     

    في حزيران/يونيو 2022، حظرَ وزير الداخلية بسّام مولوي أيّ لقاء أو تجمُّع يرمي للترويج لما أسماه "ظاهرة الشذوذ الجنسي". ولكنَّ هذا التوجيه عُلِّقَ بقرارٍ قضائي في تشرين الثاني/نوفمبر 2022، استجابةً لدعوى قضائية رفعتها منظّمة "المفكرة القانونية" ومنظّمة "حلم" أمام مجلس شورى الدولة (المفكرة القانونية، 2022)، غير أنَّ توجيهًا ثانيًا صدرَ لاحقًا لحظر أيّ أنشطة يُنظَر إليها على أنَّها تُروِّج للمثلية الجنسية (مؤسّسة الكرامة الإنسانية، 2023).

     

    في عام 2023، قَدَّمَ تسعة نوّاب مشروع قانون لإلغاء المادّة 534 وإلغاء تجريم العلاقات الجنسية المثلية في لبنان. ولكنَّ المُوقِّعين واجهوا مضايقات إلكترونية، ممّا دفعَ أحد النوّاب إلى سحب توقيعه.

     

    ردًّا على ذلك، أكَّدَ رئيس الوزراء آنذاك، نجيب ميقاتي، على أهمّية الهوية الوطنية والأعراف العامّة والقِيَم الدينية، وحثَّ المواطنين على "التشبُّث بالهوية الوطنية وآدابها العامّة وأخلاقياتها المتوارَثة جيلًا بعد جيل، وقِيَمها الإيمانية - ولا سيّما قيمة الأسرة وحمايتها - ومواجهة الأفكار التي تُخالِف نظام الخالق والمبادئ التي يُجمِع عليها اللبنانيون".

     

    في آب/أغسطس 2023، قَدَّمَ النائب أشرف ريفي مشروع قانون لتجريم العلاقات المثلية والترويج للمثلية الجنسية، مع عقوبات تَصِل إلى السجن لمدّة ثلاث سنوات (مؤسّسة الكرامة الإنسانية، 2023). وحَشَدَ هذا المشروع عددًا من القوى السياسية التقليدية، بما فيها تلك التي تُعارِض بعضها البعض بشدّة، مثل حزب الله وريفي نفسه.

     

    التمييز والوصمة في المجتمع

    بالإضافة إلى التحدّيات المرتبطة بالقوانين والسياسات، لا تزال المواقف المجتمعية تجاه أفراد مجتمع الميم عين في لبنان مُحافِظةً إلى حدّ كبير، إذ ترتكز على الأعراف الدينية والثقافية.

     

    خلال العقد الماضي، سُجِّلَ عدد كبير من حالات التمييز والعنف ضدّ أفراد مجتمع الميم عين. في أيلول/سبتمبر 2023، قامت مجموعة تُطلِق على نفسها اسم "جنود الربّ" بتعطيل "مسيرة الحرّية" التي نُظِّمَت دفاعًا عن حرّية التعبير والتجمُّع السلمي والحقوق الرقمية، ممّا أدّى إلى إصابة ثلاثة مُشارِكين على الأقلّ بعد اتّهام المسيرة بالترويج للمثلية الجنسية.

     

    وفي آب/أغسطس 2023، عقب خطابات ألقاها عدد من القادة السياسيين هاجموا فيها مجتمع الميم عين، وبعد مشروع قانون قدّمه أشرف ريفي ونوّاب آخرون، هاجمَ "جنود الربّ" أحد الملاهي الليلية في بيروت، حيث حطّموا الأثاث واعتدوا على الروّاد. وجاءَ هذا التصاعُد في العنف عقب تقديم مشروع قانون في البرلمان لإلغاء المادّة 534 من قانون العقوبات وإلغاء تجريم العلاقات المثلية (هيومن رايتس ووتش، 2023).

     

    في عام 2022، أفادت منظّمة "حلم" عن 475 حالة عنف ضدّ أفراد مجتمع الميم عين، بما فيها عمليات الخطف، والاعتداء الجسدي، والتهديدات بالقتل، والاغتصاب، والإساءات اللفظية. وفي عام 2020، أشارت منظّمات غير حكومية حقوقية إلى استمرار ظاهرة التمييز الرسمي والمجتمعي ضدّ أفراد مجتمع الميم عين من قِبَل جماعات تتصرّف بمعزل عن القانون.

     

    كذلك، ساهمت إجراءات الإغلاق بسبب جائحة كوفيد-19 في زيادة المخاطر التي يتعرّض لها هذا المجتمع الذي كانَ يعتمد على المراكز والشبكات الاجتماعية والمنظّمات غير الحكومية للحصول على الدعم. في أيّار/مايو 2018، أقدمت قوى الأمن الداخلي - التابعة لوزارة الداخلية – على إلغاء فعّاليات اليوم العالمي لمناهضة رهاب المثلية ورهاب التحوُّل الجنسي، واعتقلت مُنظِّم أسبوع "بيروت برايد" لفترة وجيزة بتُهمة "التشجيع على الفجور" (مؤسّسة الكرامة الإنسانية، 2023).

     

    كشفت دراسة نوعية أُجرِيَت عام 2022 حول أفراد مجتمع الميم عين في مكان العمل - كجزء من مشروع لمناصرة الإدماج بقيادة المُؤلِّفة - عن انتشار واسع النطاق للتحرّش والتنمّر والتمييز، يمارسه الزملاء الرجال بشكل أساسي. وأفادَ عدد كبير من المُشارِكين في الاستطلاع عن شعورهم بأنَّهم مُجبَرون على إخفاء هويّاتهم تجنُّبًا لسوء المعاملة.

     

    وتَبيَّنَ أنَّ المؤسّسات الكبيرة، ولا سيّما في بيروت، تميل أكثر إلى توظيف أفراد مجتمع الميم عين بفضل سياسات الموارد البشرية الرسمية والتركيز على التنوُّع، بينما أصحاب العمل في المناطق المُحافِظة مثل طرابلس أقلّ ميلًا لتوظيف أفراد مجتمع الميم علنًا. ولوحِظَ أنَّ الوظائف التي لا تتطلّب تفاعُلًا مباشرًا مع العملاء كانَت متاحة بسهولة أكبر لهؤلاء الأفراد.

     

    ولا يزال الأمن الوظيفي يُشكِّل مصدر قلق كبير في ظلّ حالات الطرد المتكرّرة وغياب فُرَص الترقية بسبب التوجُّه الجنسي أو الهوية الجندرية، وفقًا لما ذكره المُشارِكون في حلقات النقاش المركّزة. وتضمّنت الدراسة أيضًا إفادات عن تصوُّرات تمييزية، بما في ذلك النظرة المَرَضيّة تجاه أفراد مجتمع الميم عين (مصدر غير منشور).

     

    ويُواجِه الكثير من الأشخاص، ولا سيّما المتحوّلون جنسيًا، تحدّيات كبيرة في المشاركة السياسية بسبب العزلة والتمييز القائم على مظهرهم. تشمل هذه العوائق التنمّر والمضايقة والحرمان من فُرَص الحصول على السكن، ممّا يثنيهم عن الاقتراع أو الترشُّح. وتؤدّي التصوُّرات السلبية المرتكِزة على الأعراف الاجتماعية والدينية إلى الحدّ من مشاركتهم السياسية، بما في ذلك في العملية الانتخابية (برنامج تسريع العمل المدني في لبنان، 2023).

     

    النشاط الحقوقي والمناصرة

    على الرغم من هذه التحدّيات، توجد مساحات للقبول والدعم داخل المجتمع اللبناني، حيث يتوفّر العديد من الملاهي والنوادي والفعّاليات التي تحتضن مجتمع الميم عين، وخاصّةً في بيروت. ولكنَّ هذه الأماكن غالبًا ما تعمل في ظلّ تهديد المداهمات والإغلاق، كما أنَّ وجودها لا يدلّ بالضرورة على القبول المجتمعي الأوسع.

     

    تلعب منظّمات المجتمع المدني دورًا أساسيًا في دعم أفراد مجتمع الميم عين والدفاع عن حقوقهم في لبنان. ومن خلال مجموعة متنوّعة من الخدمات والمساعي، تعمل هذه المنظّمات على دعم هذا المجتمع عن طريق مبادرات متعدّدة، بما في ذلك المساعدة القانونية والخدمات الصحّية وحملات التوعية العامّة.

     

    وتنخرط مجموعات أصحاب الحقوق، إلى جانب المنظّمات الدولية، في جهود المناصرة الرامية إلى مواجهة القوانين والممارسات التمييزية، سعيًا إلى بناء مجتمع أكثر شمولًا. ورغم العقبات الكبيرة، يُواصِل هؤلاء الناشطون المُطالَبة بتعزيز الشمول والحماية القانونية، ويستفيدون من وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من المنصّات للوصول إلى جمهور أوسع.

     

    ما أهمّية ذلك؟

    تُعَدّ الإصلاحات الرامية إلى تهيئة بيئات أكثر شمولًا لأفراد مجتمع الميم عين في لبنان ضروريةً لعدّة أسباب. أوّلًا، تضمن هذه الإصلاحات منح الحقوق والحماية المتساوية لجميع الأفراد، بما يتماشى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان. وهذا يشمل إلغاء بعض النصوص القانونية، مثل المادّتَيْن 534 و521، وبالتالي حماية أفراد مجتمع الميم عين من المضايقات القانونية والإساءة (برنامج الأمم المتّحدة الإنمائي، 2022).

     

    أمّا السياسات الشاملة فتُعزِّز أيضًا التماسك الاجتماعي من خلال تشجيع القبول والتفاهم بين مختلف فئات المجتمع، ومن شأنها أن تُساعِد في دفع عجلة النموّ الاقتصادي عن طريق السماح لجميع الأفراد بالمساهمة الكاملة في الاقتصاد من دون الخوف من التعرُّض للتمييز.

     

    بالإضافة إلى ذلك، فإنَّ الحدّ من التمييز والمضايقة يؤدّي إلى تحسين نتائج الصحّة النفسية لأفراد مجتمع الميم من خلال تقليل الوصمة الاجتماعية وتوفير الدعم. كذلك، فإنَّ المساحات الآمنة وشبكات الدعم تُحسِّن جودة حياتهم ورفاههم بشكل كبير.

     

    وأخيرًا، فإنَّ اعتماد سياسات شاملة يُظهِر التزامًا بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان، ممّا قد يُعزِّز فُرَص الدعم والتعاون الخارجي. وبشكل عام، تُعتبَر هذه الإصلاحات خطوة مهمّة نحو النهوض بحقوق الإنسان، والعدالة الاجتماعية، والتنمية الشاملة في لبنان.

     

    المراجع

    حسين شعيتو، المنظور الكويري لأزمات لبنان الهائلة، معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط، 30 حزيران/يونيو 2022، https://timep.org/post-arabic/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%B8%D9%88%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%88%D9%8A%D8%B1%D9%8A-%D9%84%D8%A3%D8%B2%D9%85%D8%A7%D8%AA-%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%87%D8%A7%D8%A6%D9%84%D8%A9/

     

    كاثرين بيرجيكيان، كيف أثَّرَ كلٌّ من انفجار بيروت والأزمة المالية على مجتمع الميم في لبنان، 5 آب/أغسطس 2022، يورونيوز، https://rb.gy/cgy3w4

     

    لمى كرامي، المادّة 534 سقطت: المثلية الجنسية لم تعد "مُخالِفة للطبيعة" - المفكرة القانونية (legal-agenda.com)، 11 تمّوز/يوليو 2016

     

    هيومن رايتس ووتش، لبنان: الهجوم على الحرّيات يستهدف أفراد مجتمع الميم-عين | هيومن رايتس ووتش (hrw.org)، 5 أيلول/سبتمبر 2023

     

    بي بي سي، العالم العربي في سبعة رسوم بيانية: هل يُدير العرب ظهورهم للدين؟ 24 حزيران/يونيو 2019

     

    مؤسّسة مهارات، قضايا مجتمع الميم والإعلام في لبنان، 2014، https://maharatfoundation.org/media/1644/study-lgbt-english.pdf

     

    مؤسّسة الكرامة الإنسانية، ملفّ لبنان، https://www.humandignitytrust.org/country-profile/lebanon/

     

    الحرّية في العالم 2024، لبنان، https://freedomhouse.org/country/lebanon/freedom-world/2024

     

    ساسكيا أودونوغيو ويورونيوز مع وكالة أسوشيتد برس، مجتمع الميم في لبنان مُهدَّد مع تكثيف القادة لحملتهم، 2 أيلول/سبتمبر 2023، https://www.euronews.com/2023/09/02/lebanons-lgbtq-community-under-threat-as-leaders-ramp-up-campaign

     

    هيومن رايتس ووتش، لبنان: المحكمة ترفض تجريم العلاقات المثلية، 19 تمّوز/يوليو 2018، https://www.hrw.org/ar/news/2018/07/19/320677

     

    لبنان: الهجوم على الحرّيات يستهدف أفراد مجتمع الميم-عين، تشريعات قمعية وتضييق غير قانوني - منظّمة العفو الدولية، 5 أيلول/سبتمبر 2023

     

    لبنان: الهجوم على أفراد مجتمع الميم في حانة "نذير شؤم" إضافي يُشير إلى تدهور الوضع الحقوقي - منظّمة العفو الدولية، 24 آب/أغسطس 2023

     

    حقوق مجتمع الميم في لبنان: كلّ ما يجب أن تعرفه قبل زيارتك! (queerintheworld.com)، كانون الأوّل/ديسمبر 2023

     

    بيان مشترك للأمم المتّحدة بشأن لبنان دعمًا لمجتمع الميم في لبنان | برنامج الأمم المتّحدة الإنمائي (undp.org)، حزيران/يونيو 2022

     

    برنامج تسريع العمل المدني في لبنان، من الأقوال إلى الأفعال، التعبئة من أجل انتخابات بلدية دامجة في لبنان، ملخّص النتائج، الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية - FHI360، نيسان/أبريل 2023، https://linktr.ee/lebcaap?lt_utm_source=lt_share_link#349907899

     

    الحطّ من الكرامة: الفحوصات الشرجية القسرية في محاكمات المثلية الجنسية، تمّوز/يوليو 2016، https://www.hrw.org/ar/report/2016/07/12/291627

     

    قرار الداخلية بترهيب المثلية لم يعدْ نافذًا، المفكرة القانونية، حلم، 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2022، https://legal-agenda.com/%d9%82%d8%b1%d8%a7%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%af%d8%a7%d8%ae%d9%84%d9%8a%d8%a9-%d8%a8%d8%aa%d8%b1%d9%87%d9%8a%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%ab%d9%84%d9%8a%d8%a9-%d9%84%d9%85-%d9%8a%d8%b9%d8%af%d9%92-%d9%86/

     

    زينة سامي الحلو باحثة ومستشارة في شؤون التنمية، لديها خبرة تزيد عن 20 عامًا في مجال بحوث السياسات والتنمية، بما في ذلك الانتخابات والقضايا الاجتماعية والاقتصاد السياسي والتنمية المحلّية  .
اشتركوا في نشرتنا الإخبارية
شكرًا للإشتراك في نشرتنا الإخبارية