-
حوكمةمايو 20، 2025
إدارة المساعدات خلال الأزمات
- علي إسماعيل
المصدر: الهلال الأحمر القطريفي إطار جهود المناصرة التي يبذلها المركز اللبناني للدراسات في سبيل تحقيق تعافٍ مستدام من انفجار مرفأ بيروت، يكون محوره ووجهته الإنسان وكرامة عيشه. وتماشيًا مع مساعيه الرامية إلى تعزيز العدالة الاجتماعية المُنصِفة والشاملة للجميع، وبناء الثقة بين الأفراد والكيانات الجمعية والحكومة اللبنانية، أقام المركز شراكة مع منظّمة الشفافية الدولية وفرعها الوطني، أي منظمة الشفافية الدولية لبنان- لا فساد، لإصدار "مرصد الإصلاح". ترتبط المواضيع التي يغطيها المرصد بمجالات الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار، ويندرج نشره في إطار مشروع بناء النزاهة والمساءلة الوطنية في لبنان ("بناء") المموّل من الاتحاد الأوروبي. الآراء الواردة فيه لا تعكس بالضرورة وجهة نظر الجهة المانحة.
ما المسألة المطروحة؟
في 23 أيلول/سبتمبر 2024، اندلع نزاع مسلّح واسع النطاق في لبنان، تأثرت به بشكلٍ رئيسي مناطق الجنوب والبقاع والمناطق المحيطة ببيروت. انتهت الأعمال العدائية في 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2024. وخلال هذه الفترة، واجه لبنان أزمة نزوح حادّة، إذ تهجّر حوالى 1.5 مليون شخص من أماكن إقامتهم. ومن بين هؤلاء، نزح 899,000 شخص داخل لبنان، بينما لجأ 562,000 شخص إلى سوريا، وفرّ نحو 39,000 شخص إلى العراق (مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، 2024).
واستجابةً للأزمة، بذلت المؤسّسات الرسمية اللبنانية جهودًا لتقديم مساعدات أساسية بما يحفظ كرامة الإنسان. وبدأت المساعدات الدولية بالتدفّق من الدول المانحة والمنظمات الدولية والهيئات الإنسانية. وقد أدّت المنظمات الإنسانية المحلية والدولية دورًا محوريًا في جهود الإغاثة خلال هذه الأزمة. وعبر جمع البيانات من مصادر مفتوحة مثل المنصات الإعلامية، ومواقع الجهات المانحة، وحسابات السفارات على وسائل التواصل الاجتماعي، قامت منظمة الشفافية الدولية – لبنان برصد ما يلي:
- 10,065 طنًّا متريًّا من المساعدات العينيّة.
- 725 مليون دولار أميركي كمساعدات ماليّة.
- 1,803 شحنة مساعدات، جرى تسجيلها بوحدات قياس غير موحّدة (مثل الخيم، والبطانيات، والطرود الغذائية).
تمّ توزيع الجزء الأكبر من هذه المساعدات عبر المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية، والمؤسّسات العامة اللبنانية.
أوجه القصور الهيكلية في أُطُر إدارة الأزمات
يواجه لبنان قصورًا هيكليًا كبيرًا في الإطار الحكومي المعتمد لإدارة الأزمات، ويبرز هذا القصور بشكل خاص في آليات استلام المساعدات وتوزيعها. وعلى الرغم من الجهود المبذولة لإنشاء آلية مركزية لإدارة الأزمات، مثل وحدة إدارة مخاطر الكوارث التي أُنشئت في العام 2010 بالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، لم تضطلع هذه الوحدة فعليًا بالدور المنوط بها كجهة مركزية لتنسيق الاستجابة للأزمات والنزاعات (رئاسة مجلس الوزراء، "وحدة إدارة مخاطر الكوارث").
فعلى سبيل المثال، خلال جائحة كوفيد-19، أنشأت الحكومة اللبنانية "خلية الأزمة الوزارية" لتكون الهيئة المركزية لتنسيق الاستجابة لحالة الطوارئ الصحية. غير أنّ وحدة إدارة مخاطر الكوارث لم تؤدِّ أي دور يُذكر في جهود التنسيق الحكومية، على الرغم من الإعلان الرسمي عن حالة طوارئ صحية عامة. كذلك، في سياق الاشتباكات المسلّحة التي شهدها جنوب لبنان أواخر عام 2023، أقرّت الحكومة خطة طوارئ وأنشأت "لجنة الطوارئ الوزارية" كهيئة مركزية إضافية لتنسيق الاستجابة.
وأدّى هذا النهج إلى تداخل في الصلاحيات بين جهات حكومية عدّة ، منها الهيئة العليا للإغاثة (التي أُنشئت للاستجابة للأزمات والكوارث والحروب)، ووحدة إدارة مخاطر الكوارث، ومجلس الجنوب المكلّف بتوزيع المساعدات في جنوب لبنان والبقاع الغربي. وقد أُنشئت هذه الجهات في فترات مختلفة بهدف إدارة الأزمات، إلّا أنّ كلًّا منها يحظى بصلاحيات متضاربة، ما يؤدي إلى أوجه قصور عدّة ويحدّ من قدرتها على أداء مهامها بشكل فعّال.
لم تُفلِح محاولات لجنة الطوارئ الوزارية في تنظيم عمل هذه الجهات، وفي تنسيق الجهود مع الوزارات والأجهزة الأمنية والمؤسّسات الطبية، سوى بشكل محدود. وقد أدى التضارب في الاختصاصات وتداخل الصلاحيات إلى تقويض هذه الجهود. ومن اللافت أنّ إنشاء منصة موحّدة لتتبّع توزيع المساعدات ونشر المعلومات المتعلّقة بها، بالرغم من أهميّته، لم يحقّق أهدافه المرجوّة بسبب استمرار الهيئة العليا للإغاثة ووزارة الصحّة في نشر بيانات مجزّأة كلٌّ على منصّته الخاصة.
والجدير بالذكر أنّ القانون اللبناني لا يُجيز إلا الهيئة العليا للإغاثة والصليب الأحمر اللبناني استيراد المساعدات من دون دفع رسوم جمركية. وبالتالي، تلجأ بعض المنظمات الدولية إلى تمرير مساعداتها عبر الهيئة العليا للإغاثة أو الصليب الأحمر اللبناني لتفادي هذه الرسوم. وقد أُفيد بأنّ الهيئة العليا للإغاثة طلبت توزيع ما يصل إلى 30 في المئة من تلك المساعدات من خلالها. ونتيجةً لذلك، تتلقى بعض المنظمات غير الحكومية المحلية التابعة لشخصيات سياسية نافذة مساعدات من الهيئة العليا للإغاثة لتوزيعها. وحتى تاريخه، لم يصدر أي مرسوم أو إطار قانوني ينظّم استيراد المساعدات الإنسانية وتوزيعها بطريقة أكثر شفافية وخضوعًا للمساءلة (مقابلة مع قناة الجديد).
ثغرات في الشفافية وإخفاقات في الرقابة
لا يزال لبنان يفتقر لآليات الرقابة الفعّالة لضمان الشفافية ومكافحة الفساد، وهو ما يشكّل أحد أبرز أوجه القصور. خلال فعالية نظّمتها منظمة الشفافية الدولية – لبنان، أشارت القاضية تيريز علاوي، العضو في الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، إلى أوجه القصور الهيكلية في الامتثال لموجبات الشفافية. فعلى الرغم من إصدار رئاسة مجلس الوزراء تعليمات تُلزم الجهات الحكومية بنشر بيانات المساعدات من لحظة تسلّمها وحتى توزيعها، لم تلتزم معظم هذه الجهات بهذه التعليمات، باستثناء وزارة الصحّة العامة.
مراجعة نقدية حول ثغرات الشفافية في مجال تقديم المساعدات في لبنان
قابلية التتبع
لا تزال تحديات تقنية كبيرة تعيق نشر البيانات المتعلقة بالمساعدات وتوحيدها، إلى جانب أوجه القصور الهيكلية المتجذّرة في إطار إدارة الكوارث في لبنان. وتُعدّ قابلية التتبع ركيزة أساسية من ركائز الشفافية، إذ تسمح بتتبّع المساعدة بشكل منهجي من لحظة تخصيصها إلى حين تسليمها إلى المستفيدين النهائيّين. ويُشكّل اعتماد نظام موحّد لقياس المساعدات بين الجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والجهات المانحة شرطًا أساسيًا لضمان التتبع الفعّال. غير أنّ غياب هذا النظام في لبنان أدّى إلى تفاوتات حادّة في الإبلاغ عن المساعدات ورصدها.
تابعت وحدة المتابعة في منظمة الشفافية الدولية – لبنان تدفّق المساعدات من مصادر متعددة، وكشفت عن تفاوتات كبيرة في طريقة تسجيل هذه المساعدات والإبلاغ عنها. فعلى سبيل المثال، تمّ توثيق حوالى 10,000 طنّ متري من المساعدات باستخدام الطن المتري كمقياس موحّد، في حين رصدت الوحدة 1,802 حالة تتعلّق بالمساعدات وُثِّقت باستخدام أكثر من 15 وحدة قياس مختلفة (مثل صندوق، وجبة، قطعة، خيمة). أمّا المنصة الحكومية الموحّدة، فكانت تسجّل المساعدات باستخدام عدد الصناديق أو الوحدات الفردية. في المقابل، استخدمت الهيئة العليا للإغاثة أكثر من عشر وحدات قياس مختلفة، منها الخيم، والصناديق، والبطانيات، وتصنيفات مُرتجلة أخرى.
بالإضافة إلى ذلك، لم تلتزم الجهات المانحة بنشر بيانات واضحة ومنهجية حول المساعدات التي قدّمتها، ولم تعتمد منصة مشتركة للإبلاغ عنها. ونتيجة لذلك، توزّعت المعلومات المتعلقة بالمساعدات على منصات مجزّأة، مع استخدام وحدات قياس غير متناسقة مثل الأطنان المترية، والصناديق، والأمتار المكعّبة. ويُشكّل هذا الاختلاف في وحدات القياس عائقًا كبيرًا أمام قابلية التتبع، التي تُعدّ عاملًا أساسيًا في ضمان الشفافية.
المعايير الدولية
إنّ التفاوت في وحدات القياس المذكور أعلاه يتعارض مع المعايير الدولية المعتمدة لضمان الشفافية في المساعدات الإنسانية، ويقوّض بشكل كبير الجهود الرامية إلى ضمان التوزيع الفعّال للمساعدات. فالافتقار إلى نظام إبلاغ موحّد يزيد من خطر سوء إدارة المساعدات، ما قد يؤدي إلى تلفها أو إلى ضعف في الكفاءة، أو قد يزيد من مخاطر الفساد. والأخطر من ذلك أنّ هذه التفاوتات تعيق قدرة الجهات الرقابية والباحثين وعامة الناس على تقييم الأثر الفعلي لجهود توزيع المساعدات.
لمعالجة هذه التحديات، ينبغي أن تتماشى آليات الإبلاغ عن المساعدات في لبنان مع الأطر الدولية المعتمدة للشفافية، مثل مبادرة الشفافية الخاصة بالمعونة الدولية (IATI)، التي تضع معايير معترفًا بها عالميًا لنشر بيانات المساعدات الدولية بشكل منهجي وشفاف، مع التركيز على الشمولية والمصداقية والمساءلة. وهي تُلزِم الجهات المعنيّة بنشر معلومات مفصّلة دوريًا، تشمل مصادر التمويل، والمخصّصات المالية، والأنشطة المنفّذة، والمواقع الجغرافية، والفئات المستفيدة.
كذلك، تُعطي مبادرة الشفافية الخاصة بالمعونة الدولية الأولوية للشفافية المالية من خلال اشتراط نشر بيانات تتعلّق بالتكاليف التشغيلية، والنفقات، والإيرادات، مع الحرص على أن تبقى هذه البيانات متاحة وقابلة للتحليل من قبل الجهات المعنيّة مثل صانعي السياسات، والباحثين، ومنظمات المجتمع المدني. ويتعيّن على المنصات التي تلتزم بالمبادرة اعتماد تدابير صارمة لحماية الخصوصية وضمان أمن المعلومات الحسّاسة، حفاظًا على سلامة البيانات ومنع إساءة استخدامها (مبادرة الشفافية الخاصة بالمعونة الدولية، 2019).
تقييم منصّات بيانات المساعدات
في سياق الأزمات الأخيرة التي شهدها لبنان، أُنشِئت ثلاث منصّات رئيسية لنشر بيانات المساعدات، وهي: المنصّة الموحّدة للجنة الطوارئ الحكومية (رصد تبرعات الدول)، وموقع الهيئة العليا للإغاثة، وموقع وزارة الصحّة العامة.
من الناحية الهيكلية، تتوافق المنصّة الموحّدة للجنة الطوارئ الحكومية مع معايير مبادرة الشفافية الخاصة بالمعونة الدولية أكثر من المنصّات الأخرى، إذ توفّر خانات لتحميل المستندات وأقسامًا مخصّصة للبيانات المتعلقة بالمساعدات. ومع ذلك، تشوب هذه المنصّة أوجه قصور ملحوظة، إذ إنّ الكثير من الخانات لا تزال غير مكتملة، وتُحذَف منها في الكثير من الأحيان معلومات أساسية، مثل أسماء الجهات المستفيدة وتفاصيل التواصل. فعلى سبيل المثال، رصدت وحدة المتابعة في منظمة الشفافية الدولية – لبنان نحو 120 طنًّا من المساعدات العينيّة القادمة من الأردن، ولكنّنا لم نعثَر على أيّ سجل لها في المنصة.
هذا ولا تزال مستندات عدّة غير متوفّرة على المنصّة، كما أنّ التحديثات لا تُجرى بانتظام، ولا تدعم المنصّة صيغًا قابلة للتحليل مثل "لغة توصيف النص القابلة للتوسعة" (XML). وقد أدّت التعديلات الأخيرة، مثل إزالة خانة تحديد الجهات المستفيدة، إلى تقويض مستوى الشفافية أكثر. إضافةً إلى ذلك، تفتقر المنصّة إلى آلية لتقديم الشكاوى، ما يحدّ من فعاليتها كأداة للمساءلة.
تعتمد منصّة وزارة الصحّة العامة بشكل أساسي على نشر البيانات بصيغة PDF، وتركّز على توزيع المساعدات فحسب، من دون الإشارة إلى المساعدات المستلَمة. وتعيق هذه الثغرة تتبّع تدفّق المساعدات بشكل شامل، كما تُعيق التوافق مع المعايير الدولية للشفافية. إضافةً إلى ذلك، لا تُحدَّث المنصّة بشكل منتظم، ولا تتضمّن آليات لتقديم الشكاوى، ما يحدّ من فعاليتها بشكل عامّ.
أما منصّة الهيئة العليا للإغاثة، فتعتمد بشكل أساسي على نشر البيانات بصيغة صور JPG، ما يجعلها غير ملائمة للتحليل أو التتبّع. وتركّز هذه المنصّة على المساعدات العينيّة، مع إغفال تام للتفاصيل الأساسية المتعلقة بالمساعدات النقدية. وعلى غرار المنصّات الأخرى، تفتقر إلى آليات لتقديم الشكاوى ولا توفّر البيانات بصيغ قابلة للتحليل، ما يحدّ من مستوى الشفافية فيها.
على الرغم من الدور المحوري الذي تؤدّيه المساعدات النقدية في الاستجابة للأزمات في لبنان، لا توفّر أيٌّ من المنصّات التي جرى تقييمها بيانات شاملة حول هذا النوع من المساعدات. فعلى سبيل المثال، شهد مؤتمر باريس المُنعقد في 24 تشرين الأول/أكتوبر 2024 تعهّدًا بتقديم 800 مليون دولار كمساعدات إنسانية للبنان، إلّا أنّه لم تُنشر أيّ معلومات تفصيلية بعد المؤتمر حول ما إذا كانت هذه الأموال قد دُفِعَت، أو استلمتها الحكومة، أو استُخدمت بشكل فعّال. والواقع أنّ هذا الغموض يجعل من شبه المستحيل تتبّع تدفّق الأموال أو تقييم أثرها.
الإصلاحات الضرورية
دعت منظمات المجتمع المدني إلى اعتماد إصلاحات لمعالجة الثغرات وتعزيز الشفافية والمساءلة والكفاءة في إدارة الأزمات. وتشمل هذه الإصلاحات إنشاء هيئة موحّدة لإدارة الكوارث تتولّى تنسيق الاستجابة للأزمات، على أن تدعمها هيئات رديفة على مستوى المحافظات لضمان شمولية التغطية في مختلف أنحاء البلاد. ويسهم تحديد الأدوار والمسؤوليات بوضوح بين الهيئة المركزية والجهات التنفيذية في تفادي النزاعات على الاختصاصات وتداخل الصلاحيات.
وتشمل الإصلاحات الموصى بها أيضًا تطوير منصّة متكاملة وشفّافة للمساعدات، تتماشى مع إرشادات مبادرة الشفافية الخاصة بالمعونة الدولية. وينبغي أن تضمّ هذه المنصّة الحكومة والمنظمات المحلية والدولية والجهات المانحة، لضمان التنسيق الشامل والفعّال. كذلك، يجب أن تسمح المنصّة بتلقّي آراء المواطنين، وإتاحة التتبّع الشفّاف للمساعدات من لحظة استلامها إلى مرحلة توزيعها. ومن شأن تعزيز القدرات التشغيلية للهيئات الرقابية، مثل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد والتفتيش المركزي، أو يؤدي دورًا أساسيًا في مكافحة الفساد، ومنع سوء الإدارة، وضمان نزاهة عمليات توزيع المساعدات.
ويُشكّل النشر المنهجي لبيانات مفصّلة حول تمويل المساعدات، والمستفيدين منها، وآليات تنفيذها من قبل الجهات المانحة خطوة بالغة الأهمية. ويساهم تنسيق هذه البيانات ودمجها ضمن منصّة موحّدة للمساعدات في تعزيز المساءلة ومنع الازدواجية. ويُعدّ تحسين التنسيق بين الجهات الحكومية، والمنظمات الدولية، ومنظمات المجتمع المدني شرطًا أساسيًا لمعالجة التشتّت الحالي في إطار الاستجابة للكوارث.
يتطلّب تعزيز الشفافية والمساءلة مواءمة عمليات توزيع المساعدات مع المعايير العالمية. وينبغي على لبنان الاستفادة من الخبرات والأدوات الدولية من أجل تحسين أنظمة إدارة البيانات، وضمان الامتثال للأُطُر المعترف بها مثل مبادرة الشفافية الخاصة بالمعونة الدولية.
فضلًا عن ذلك، يجب أن تُمنح الأولوية لمبدأيْ الشمولية وسهولة الوصول، لضمان عدم تهميش الفئات المعرّضة للخطر، بما في ذلك النساء والشباب والأشخاص ذوي الإعاقة، في عمليات إدارة الأزمات وتوزيع المساعدات. وينبغي معالجة العوائق التي تحول دون مشاركة هذه الفئات من خلال اعتماد تدابير مثل المنصّات الميسّرة، والسياسات المراعية لاعتبارات النوع الاجتماعي، وحملات التوعية الموجّهة إلى الفئات المهمّشة والمحرومة من الخدمات.
ما أهمية هذه الجهود؟
إنّ النزاع المسلّح الذي شهده لبنان مؤخرًا يسلّط الضوء على أوجه قصور جوهرية في إطار إدارة الكوارث وتوزيع المساعدات. فقد أعاقت التحدّيات الهيكلية، مثل تشتّت الصلاحيات وتداخل المسؤوليات، فعالية تنسيق الاستجابة ومستوى الشفافية. وبالتالي، من الضروري إطلاق مسار إصلاحي يعالج غياب هيئة موحّدة لإدارة الكوارث تتمتّع بتفويض واضح، ويفرض الالتزام بالمعايير الدولية للشفافية.
إنّ الثغرات الهيكلية المذكورة تكشف الحاجة الملحّة إلى إجراء إصلاحات شاملة في أطر إدارة الأزمات والحوكمة في لبنان. لذا، لا بدّ من تركيز الصلاحيات ضمن هيئة موحّدة، واعتماد آليات فعالة للشفافية والمساءلة، بالتوازي مع تعزيز اللامركزية على المستوى المحلّي، لمعالجة أوجه القصور الحالية وتعزيز قدرة لبنان على الصمود وعلى إدارة الأزمات المستقبلية.
المراجع
- رئاسة مجلس الوزراء. "وحدة إدارة مخاطر الكوارث". آخر تعديل في عام 2010. (http://drm.pcm.gov.lb/AboutUs/AboutUs).
- تصريحات القاضية تيريز علاوي. الوكالة الوطنية للإعلام. "جمعية الشفافية الدولية – لبنان: نتائج مؤشر مدركات الفساد". تمّ الاطّلاع عليها في كانون الثاني/يناير 2025. (https://nna-leb.gov.lb/ar/economy/672962).
- تقرير حول مواجهة الكوارث في لبنان. مجلّة "الشهرية" عن "الدولية للمعلومات". تمّ الاطّلاع عليه في كانون الثاني/يناير 2025. (https://monthlymagazine.com/article/5234).
- مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية. "Lebanon Flash Update 47: Escalation of Hostilities in Lebanon (25 November 2024)". (التحديث العاجل رقم 47 – تصاعد الأعمال العدائية في لبنان (25 تشرين الثاني/نوفمبر 2024)). تمّ الاطّلاع عليه في كانون الثاني/يناير 2025. (https://www.unocha.org/publications/report/lebanon/lebanon-flash-update-47-escalation-hostilities-lebanon-25-november-2024).
- الموقع الرسمي لمجلس الجنوب. تمّ الاطّلاع عليه في كانون الثاني/يناير 2025. (https://www.councilforsouth.gov.lb/%D8%B1%D8%A6%D8%A7%D8%B3%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AC%D9%84%D8%B3/).
- المؤتمر الدولي لدعم لبنان. وزارة أوروبا والشؤون الخارجية – فرنسا. "المؤتمر الدولي من أجل دعم سكان لبنان وسيادته (باريس، 24 تشرين الأول/أكتوبر 2024)". تمّ الاطّلاع عليه في كانون الثاني/يناير 2025. (https://www.diplomatie.gouv.fr/en/country-files/lebanon/news/article/international-conference-in-support-of-lebanon-s-people).
- الموقع الرسمي لمعيار مبادرة الشفافية الخاصة بالمعونة الدولية. مبادرة الشفافية الخاصة بالمعونة الدولية. "معيار مبادرة الشفافية الخاصة بالمعونة الدولية". تمّ الاطّلاع عليه في كانون الثاني/يناير 2025. (https://iatistandard.org/en/iati-standard/).
- الموقع الرسمي لوزارة الصحّة العامة. تمّ الاطّلاع عليه في كانون الثاني/يناير 2025. (https://www.moph.gov.lb/).
- الموقع الرسمي للهيئة العليا للإغاثة. تمّ الاطّلاع عليه في كانون الثاني/يناير 2025. (http://hrc-lebanon.gov.lb/).
- لوحة المعلومات المتعلّقة بالمساعدات الإنسانية في لبنان. "لوحة المعلومات التابعة لوحدة إدارة مخاطر الكوارث في لبنان". تمّ الاطّلاع عليها في كانون الثاني/يناير 2025. (https://drm-lb.maps.arcgis.com/apps/dashboards/7c609863737842059abf4cf8b0e9a5fa).
- راغدة صافي. (حزيران/يونيو 2019). تحقيق عن الهيئة العليا للإغاثة. مجلة الأمن العام، عدد 69. مأخوذ من الرابط التالي (https://www.general-security.gov.lb/ar/magazines/details/77).
- https://www.aljadeed.tv/watch/72809/%D8%B1%D8%A6%D9%8A%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%88%D9%85%D8%A9-%D9%8A%D9%84%D8%BA%D9%8A-%D8%AA%D9%83%D9%84%D9%8A%D9%81-%D8%A7%D9%85%D9%8A%D9%86-%D8%B9%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%87%D9%8A%D8%A6%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%8A%D8%A7-%D9%84%D9%84%D8%A5%D8%BA%D8%A7%D8%AB%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%88%D8%A7%D8%A1-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%AE%D9%8A%D8%B1#google_vignette.
علي إسماعيلكاتب وباحث أكاديمي ذو خلفية في الهندسة المدنية، يتابع حاليًا دراسته للحصول على درجة الماجستير في دراسات الشرق الأوسط في الجامعة الأميركية في بيروت. كذلك، يعمل علي مع منظمة الشفافية الدولية – لبنان، حيث يختص في البحث والرصد في مجالات الحوكمة ومكافحة الفساد والمناصرة. تركّز أعماله على شفافية المساعدات، وإصلاح السياسات، ومشاركة المجتمع المدني، ويولي اهتمامًا خاصًا للتقاطع بين الحوكمة والمناصرة والمشهد السياسي المتغيّر في المنطقة.